نشأته يتيما و رعاية الشيخ علي الدقر له
[frame="7 80"]ولد الشيخ عبد الكريم الرفاعي عام 1320 هجري الموافق 1901 ميلادي في حي قبر عاتكة الفقير بدمشق وفي أسرة فقيرة فيه , قامت على تربيته والدته بعد أن توفي والده وهو في السادسة من عمره , وقد كان في هذه السن مريضا ً لا يرجى برؤه إلا بقدرة الله تعالى , مقعدا ً لا يقدر على المشي , لذلك قامت والدته رحمها الله بعد أن عجزت عن معالجته فحملته وهو في العاشرة من عمره إلى جامع السادات حيث كان الشيخ علي الدقر يربي فيه العديد من طلاب العلم يلتفون حوله في ذلك المسجد , وتدخل والدته على الشيخ وولدها على يديها قائلة : هذا ولدي سأضعه عندك , لعل الله ببركة العلم يبرئه , فابتسم في وجهها وتلقاه من يدها , وسلمه للشيخ عارف السمان ليعلمه القراءة والكتابة , وبقي الشيخ عند شيخه الشيخ علي شهرا ً كاملا ً ينظر إليه بعين العطف والحنان , يبصر فيه الأمل المشرق , والعالم الفذ , والداعية المجاهد , والمربي الكبير .
لقد احتضنه الشيخ علي الدقر رغم عجزه وضعفه ويتمه , ليحمل كتابه بعد شهر واحد من رعاية الشيخ له وينطلق ماشيا على قدميه يطرق الباب على أمه تعلو وجهه بسمةُ الفرح ويتهلل وجه والدته تعلوه دمعة السرور بشفاء ولدها ببركة العلم .
وتمضي سنوات عليه وهو ينهل من المعين الصافي والقلب الفياض إلى أن جاءت والدته إلى الشيخ الدقر تشكو ولدها عبد الكريم لانقطاعه لطلب العلم حيث كان يبيت أياما ً طوالا ً لا يأتيها ولا تراه كما طلبت من الشيخ أن يذهب ولدها للعمل لأنه لا يوجد من يعيلها, فقال لها الشيخ : هل له أخ ؟
قالت نعم , قال ما رأيك أن تجعلي ذاك لدنياك وهذا لآخرتك ؟
وما هي إلا لحظات إلا وأجهشت بالبكاء قائلة : رضيت يا سيدي رضيت , وعادت سعيدة بهذه القسمة , والتي آل الأمر فيها ليكون الشيخ رحمه الله كنزا ً لدنياها وذخرا ً لآخرتها , ذلك أنه لما أصبح شابا ً وغدا مدرسا ً في معهد العلوم الشرعية تنكز كان لا يخرج من البيت قبل أن يلبس جبته ويضع عمامته ثم يأتي إلى أمه وينكب على قدميها يمرغ لحيته بتلك القدمين واليدين اللتين حملتاه إلى الشيخ الدقر يفعل هذا كل يوم وهي تقول له : اللهم أعز عبد الكريم اللهم ارفع جاهه .[/frame]